كيفية التعامل مع «الإخوان»
قررت الحكومة المصرية إعلان جماعة «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً، مؤكدة أن مصر لن تخضع لإرهاب الجماعة. لكن كيف تتصرف دول الخليج مع الإعلان المصري باعتبار «الإخوان» تنظيماً إرهابياً؟ وهل لدى دول الخليج الإرادة السياسية لاتخاذ الموقف المصري نفسه؟
الإجابة عن هذا التساؤل ليست سهلة، خصوصاً أن دول الخليج لا تملك رؤية مشتركة لكيفية التعامل مع الإرهاب؟ كما أن كل دولة خليجية لديها موقف محدد من حركات الإسلام السياسي حسب مصالحها وأوضاعها الخاصة. كما أن موقف بعض دول الخليج من «الإخوان» لا يعني مؤسسات المجتمع المدني الإخوانية... ففي الكويت مثلاً أصدرت «جمعية الإصلاح الاجتماعي»، وهي جمعية دينية يهيمن عليها «الإخوان المسلمون» ولا علاقة لها بالدولة أو المجتمع الكويتي، بياناً تؤكد فيه إيمانها المطلق برسالة حسن البنا المرشد المؤسس لـ«الإخوان المسلمين».
دول الخليج اليوم تواجه ضغوطات دولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تطالب بوضع حد لتدفق الجهاديين والأموال إلى سوريا والعراق ولبنان، حيث شارك بعض الشباب الخليجي المنتمي إلى «حزب الله» في عمليات سوريا انطلاقاً من لبنان... كما يوجد جهاديون خليجيون يحاربون النظام السوري مع التنظيمات الإسلامية العاملة في سوريا.
بعض دول الخليج لديها مواقف واضحة من تنظيم «الإخوان المسلمين»؛ فدولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت عن موقفها الصريح والواضح بمحاكمة الخلايا والتنظيمات الإخوانية في الدولة، كما اتخذت السعودية موقفاً معادياً لـ«الإخوان المسلمين» منذ فترة طويلة. أما بعض الدول الأخرى، فلها مواقف لاعتبارات داخلية بحتة. فحكومة الكويت مثلاً هادنت «الإخوان» لفترة طويلة، لكن رغم كل الامتيازات التي منحتها لهم فلا يزال تنظيم «الإخوان» ممثلاً في الحركة الدستورية الإسلامية لديه مواقف معادية للحكومة الكويتية. فقد قاطعوا الانتخابات الأخيرة التي جرت حسب الصوت الواحد بدلاً من 4 أصوات للناخب الكويتي. «الإخوان» لديهم مواقف معلنة تطالب بالحكومة البرلمانية وبرئيس وزراء شعبي. ورغم موقف «الإخوان» المتشدد حيال الحكومة، فإن هذه الأخيرة لم تتخذ مواقف معادية لـ«الإخوان»، لأن تنظيمهم متغلغل في وزارات الدولة ومؤسساتها. لذلك فالحكومة الكويتية لا تريد قطع علاقتها بـ«الإخوان»، وذلك لاعتبارات داخلية خاصة بالتوازنات السياسية بين جماعات الإسلام السياسي من جهة، والقبائل من جهة أخرى، والمجتمع المدني (الحضر) من جهة ثالثة.
وأخيراً نرى أن دول الخليج لن تستطيع اتخاذ مواقف صريحة وواضحة من جماعات الإسلام السياسي بشكل عام، ومنها «الإخوان»، لاعتبارات سياسية خاصة بكل دولة على حدة، وكيف تنظر لمصالحها.
ولاعتبارات ثقافية لا يمكن تجاهلها، فالثقافة المجتمعية في الخليج لا تزال محافظة وموغلة في الولاءات القبلية والطائفية والعائلية. فما دامت جماعات الإسلام السياسي لا تطالب المجتمع بالتغيير والتحضر ودخول عصر العولمة والحداثة... فلن تعادي هذه المجتمعات تلك الجماعات الدينية.